حوار مع الشخصيات المتعددة
حوار مع الشخصيات المتعددة
إنّ أنفسنا المنبوذة تحتاج إلى الاحتضان، وربما سيخطر لك سؤال عن كيفية اكتشافها، فدعني أُخبرك بأن اكتشافها يتطلب توسعة الإدراك ومغادرة حالة الوعي الأولى، عن طريق الحوار النفسي الذي أثبت فاعليته ومتعته ودوره الكبير في اكتشاف الشخصيات الفرعيّة، إذ إنه يشرك كلّ الشخصيات في الحوار ويختبر القيم الموجودة داخل كل شخصيّة. وتُعد الخطوة الأولى في عملية تيسير منهج الحوار النفسي، هي تمييز أصوات الشخصيات الفرعية بداخلك، إذ سيكون هناك طفل داخلي، وسيتدخل الناقد الذاتي أحيانًا، كما ستلاحظ وجود المدافع والكمالي وغيرها من الشخصيات، ويمكن لهذا الحوار أن يكون بصورة فرديّة من قِبل الشخص نفسه، أو أن يتم مع أحد المختصين، حتى تنجح التجربة وتخرج النفس مكنوناتها.
والمهم هو التمييز بين الأنا الواعية والشخصيات الفرعية، مع البقاء دون أحكام أيًّا كان الكلام الذي سيصدر، لأن عدم التقبل يتسبب بحساسية شديدة للشخص ويجعله مهاجمًا. وستلاحظ أن كل شخصية تحتاج إلى أن تُمنح اهتمامًا ووقتًا كافيًا للتعبير عن نفسها، ولكن بعض الشخصيات لن تحبّ أن تبقى كثيرًا، فربما يتكلّم طفلك الداخلي مثلًا ويقول: “لقد تألمت الآن؛ أود الهروب والرحيل! كما أن الموضوع يحتاج إلى خبرة ومعرفة بالأنفس التي من ضمنها أنفس شيطانيّة، وهي أحيانًا قد تكون طبيعية وغريزية ولكنها نُبذت بعيدًا، لذا يُخشىى أن تُصبح مدمِّرة للشخص أو للآخرين، إذ إن من العسير مواجهة الشخص لنفسه الشيطانية، وسيحتاج الموضوع إلى حوار نفسي عميق وشعور بالأمان مع المُتحدَّث إليه.
وقد يحمي الشخص إحدى شخصياته بالهجوم أو إساءة المعاملة أو الانسحاب، لذا فإن استكشاف الأنفس يعد شيئًا مشتركًا بين المعالِج والمعالَج، فالشخص المعالَج مسؤول عن التفاعل والتعبير والوعي، وكلما زاد إدراك الشخص ازداد ألمًا تجاه خباياه وأصواته الداخلية، ولكن وعيه وتصرفاته وتفكيره سوف يتطورون بالتدريج.
الفكرة من كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
متى كانت المرّة الأخيرة التي تحاورتَ فيها مع ذاتك؟ بالطبع يا صديقي ستُصدم من سؤالي، لأننا لا نتحاور مع ذواتنا أصلًا، على الرغم من أن منهج الحوار مع النّفس أحد أقوى الأدوات الموصلة إلى النضج الشخصي، وهو وسيلة لتحسين الوعي، إذ إنّه يساعدنا على استكشاف أعماقنا وشخصيات الظلّ المنبوذة بداخلنا. وهذا الكتاب سيُعلِّمنا معنى التحاور مع الذات وكيفية الكشف عن الأنفس المتعددة.
مؤلف كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
د. هال ستون: عالم نفس سريري وُلِد عام 1927، تخرّج في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس عام 1953، وتوفي في شهر مايو عام 2020.
د. سيدرا ستون: وهي زوجة الدكتور هال ستون، وُلدت عام 1937 في بروكلين، نيويورك، بالولايات المتحدة.
ومن مؤلفاتهما:
Partnering: A New Kind of Relationship
The Shadow King: The Invisible Force That Holds Women Back
معلومات عن المُترجِمة:
داليا هشام سباعي: كاتبة مصرية الجنسيّة مهتمة بمجال الترجمة، ومن ترجماتها: الدماغ الليلي.