تجربة ميلغرام للطاعة العمياء للسلطة
تجربة ميلغرام للطاعة العمياء للسلطة
أجرى عالم النفس “ستانلي ميلغرام | Stanley Milgram” تجربة عن “الطاعة العمياء للسلطة”؛ نشر إعلانًا في إحدى الجرائد طلب فيه متطوعين مقابل أربعة دولارات في الساعة، للمشاركة في تجربة تساعد علم النفس على إيجاد وسيلة لتحسين التعلم والذاكرة باستخدام العقاب، تتمثل التجربة في أن المتطوع سوف يكون “المُعلم”، بينما “المتعلم” هو متطوع آخر لكنه جزء من فريق البحث، وكانت التجربة على النحو التالي: يعطي المُعلم المتعلم مجموعة من الكلمات ليحفظها، وفي أثناء التجربة يعطيه المُعلم كلمة مفتاحية، وعلى المتعلم أن يجيب بالكلمة الصحيحة، وإذا أخطأ في الإجابة، يضغط المُعلم على زر موجود في جهاز صعق كهربائي ينتج صدمات كهربائية ليُعاقب على الخطأ، تكونت مستويات الصدمة الكهربائية من ثلاثين مستوى، تبدأ من المستوى المنخفض (15 فولت) وصولًا إلى مستوى (450 فولت) وانتهاءً بالمستوى (XXX) الذي يدل على شدة الألم والقوة.
في البداية كان المتعلم يجيب الإجابات الصحيحة، لكن سرعان ما بدأ يرتكب الأخطاء، وكان المُعلم يضغط على زر الصعق الكهربائي، أصبح المتعلم يشتكي من أن الصدمات الكهربائية تؤذيه، فينظر المُعلم إلى الباحث، فيقول له الأخير استمر، تزداد مستويات الصدمة الكهربائية، فيصرخ المتعلم بأنه لا يستطيع تحمل الألم، ويرفض المُعلم الاستمرار في التجربة، يذكره الباحث بالعقد الذي وقع عليه بالاستمرار إلى النهاية، ومع مستويات الصعق العالية غاب المُتعلم عن وعيه من شدة الألم، يُريد المُعلم التوقف، فيقول له الباحث إذا لم يجب المتعلم في خلال 5 ثوانٍ، فاعتبر الإجابة خاطئة وعاقبه، واصل المُعلم الضغط على الزر حتى وصل إلى مستوى (XXX)!
كانت نتيجة التجربة أن اثنين من كل ثلاثة متطوعين واصلا إلى مستوى صدمة (450 فولت) رغم رجاء المتعلم لهم بالتوقف، ونستنتج من ذلك أن الطبيعة البشرية قابلة للتطويع بسهولة، وأن الإنسان يمتلك القدرة على الطاعة، كما يمتلك القدرة على مقاومة ضغط السلطة، لكن يعتمد ذلك على المتغيرات الظرفية، لذا يزول العجب عندما نعلم أن أبشع الجرائم ارتكبت باسم (أنا عبد المأمور) الطاعة العمياء!
الفكرة من كتاب تأثير الشيطان.. كيف يتحول الأخيار إلى أشرار؟
إذا ارتكب أي فرد فعلًا شائنًا أو ارتكب أي جريمة، فعلى الفور تتوجه أصابع الاتهام إلى طبيعته الإنسانية وجيناته وطباعه وميوله وفقًا للتفسير النزوعي، لكن زيمباردو يعارض هذا التفسير، ويستعيض عنه بالتفسير الظرفي للسلوكيات البشرية، إذ يرى أن الضغوط والقوى الظرفية والمواقف التي يتعرض لها الإنسان لها قدرة كبيرة على التأثير في سلوكه، ومن ثمَّ فهو يؤكد على أن الامتثال للمجموعة والانصياع للسلطة يمكن أن يهيمن على روح المبادرة في الفرد ويدمرها، وبين ذلك من خلال تجربة “سجن ستانفورد“
تلك التجربة التي كشفت لنا كيف يمكن لبشر عاديين وصالحين -قد نكون أنا وأنت منهم- أن يسقطوا ويرتكبوا أفظع الجرائم، ويقوموا بأفعال فاسدة ومؤذية ضد الآخرين، لذا فهو يقترح تبني نموذج الصحة العامة بدلًا من نموذج معالجة المرضى، ويؤكد على أن فهم دور الموقف والنظام في توجيه سلوك الفرد لا يعني إعفاءه من مسؤولية التورط في أفعال شريرة أو غير أخلاقية أو غير قانونية، ومن ثم فإن الكتاب محاولة لفهم سلوكيات البشر الشريرة، وليس تبريرًا لأفعالهم.
مؤلف كتاب تأثير الشيطان.. كيف يتحول الأخيار إلى أشرار؟
فيليب زيمباردو: هو أستاذ علم النفس المتقاعد بجامعة ستانفورد، وسبق له التدريس في العديد من الجامعات الأمريكية، تولى منصب رئيس جمعية الطب النفسي الأمريكية، وهو مدير مركز ستانفورد للسياسات الانضباطية والتعلم وأبحاث الإرهاب، ومن مؤلفاته:
The Shy Child: Overcoming and Preventing Shyness from Infancy to Adulthood
Shyness: What It I, What to Do About It
Psychology and Life
معلومات عن المترجم:
هشام سمير عناية الله: هو مترجم وباحث مصري، تخرج في كلية اللغات والآداب بجامعة ميلانو بإيطاليا، وتخصص في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ومن ترجماته:
مختصر تاريخ الجنس البشري.
الحرب الهادئة.. مستقبل التنافس العالمي.
بنات إبراهيم، الفكر النسوي في اليهودية والمسيحية والإسلام.