تاريخ الإنترنت وشبكات الويب
تاريخ الإنترنت وشبكات الويب
لا يتسنَّى للمرء التنبُّؤ بمسار التطور المستقبلي لأي شيء دون فهم مراحل نشأته وحتى تطوره لما هو عليه اليوم، وتاريخ الإنترنت وشبكات الويب حافل بالعديد من القصص المدهشة بدايةً من تكنولوجيا التصنيع الأولية لأجهزة الحاسوب وصولًا إلى الرقائق الفائقة التطور في مليارات الأجهزة الذكية اليوم، ولكن تجدر الإشارة إلى أن رغبة البشر في التواصل إلكترونيًّا بعضهم مع بعض سبقت ابتكار الإنترنت، ومن هنا كان نجاح الهاتف في قدرته على تحقيق هذا النوع من التواصل.
وتعد شبكة الإنترنت مثالًا تطبيقيًّا على قانون النتائج غير المقصودة، فالتسارع التكنولوجي الرهيب للاتحاد السوفييتي إبان حقبة الحرب الباردة بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكية أقضَّت مضجع الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت دوايت أيزنهاور، فالأمر يمثل تهديدًا وجوديًّا للبلاد، مما كان سببًا في تدشين المشروع الاستراتيجي الضخم لتحسين القدرات العلمية والتكنولوجية الأمريكية على كل المستويات، والحفاظ على التفوُّق التكنولوجي للجيش والحيلولة دون إلحاق المباغتة التكنولوجية الأذى بالأمن القومي الأمريكي.
وتعدُّ البداية الحقيقية لتدشين مشروع الأربانت الذي عُرف بالإنترنت بعد ذلك في أمريكا إبان فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، حيث كان الهدف منها استخدامها في الأغراض العسكرية للربط بين شبكات الاتصالات عن بُعد وأجهزة الكمبيوتر المخصَّصة للقيادة والتحكُّم العسكري على نطاق القارة بأكملها، فكان ذلك بمنزلة تحوُّل جذري عن النظام الذي كان مستخدمًا في ذلك العصر لشبكات الهواتف التي كانت مراكزها وسط أكبر المدن الأمريكية، ومن ثم كانت معرضة بشدة لأي هجوم نووي، فكان الاتجاه إلى ابتكار منظومة جديدة للاتصالات تكون أكثر قدرة على النجاة في حالة نشوب حرب نووية مع السوفييت، ومع التطورات المتلاحقة وموافقة الكثير من المؤسسات على المشاركة في الشبكة الجديدة أصبحت الساحة مهيَّأة للتوسُّع السريع في شبكة أربانت، مع إضافة العديد من النظم الجديدة وتطوُّرها التدريجي إلى شبكة الإنترنت التي نستخدمها اليوم.
الفكرة من كتاب الكون الرقمي: الثورة العالمية في الاتصالات
تغلغلت الأجهزة الذكية في كل مكان حولنا، وبلغت اليوم من الاعتيادية أننا لم نعد نفترض أن الشخص المنفرد الذي يُجري حديثًا بصوت عالٍ مع شخص غير مرئي بأنه مجنون، كلُّ ما في الأمر أنه يستخدم هاتفه المحمول المزود بسماعة لاسلكية، فالتكنولوجيا اليوم أضحت ظاهرة شاملة في الحضارة، والقوة المحدَّدة لنظام اجتماعي جديد أصبحت فيه تلك الآلات الذكية ضرورة على جميع مناحي النشاط البشري.
وجرت العادة أن أي ابتكار جديد يولِّد آثارًا مؤذية لا سبيل لفصلها عن الآثار المحببة وربما يطرح من المشكلات أكثر مما يحل، ومن هنا كانت أهمية هذا الكتاب الذي يطوف بنا في رحاب هذا الكون الموازي لعالمنا المادي حيث يعطي لمسات جديدة، كما يقدم رؤى نقدية وطرحًا جديدًا للمستقبل الرقمي للعالم.
مؤلف كتاب الكون الرقمي: الثورة العالمية في الاتصالات
بيتر بي سيل Peter B.Seel: أستاذٌ في قسم الصحافة والاتصال التقني بجامعة ولاية كولورادو، حيث يُدرِّس التكنولوجيات الجديدة في الاتصال وإنتاج الفيديو والتصوير الرقمي والأفلام الوثائقية، له العديد من المقالات عن تكنولوجيات الإعلام الجديدة، وهو مؤلف “الكون الرقمي” والعديد من المقالات عن التلفزيون الرقمي وتقنيات الوسائط الجديدة.