تأثير اليهود في الحضارة الإنسانية
تأثير اليهود في الحضارة الإنسانية
لم يكن لليهود نصيبٌ يُذكر في التاريخ ليجعلهم أصحاب حضارة، فعلى مر الأزمان التي مضت عدا الفترة الأخيرة لم نجد لليهود علومًا أو صناعة أو أي أساس تقوم به حضارة بمفهومها الذي من أركانه استفادة الأرض من إسهاماتهم، أي أن اليهود لم يكن لهم أي مساعدة مهما صغرت في بناء المعارف البشرية، لكن لا شك في وجود تأثير تاريخي لهم في العالم يعود إلى ما أحدثوه بسبب نظرتهم الدينية، غير أن هناك حاجة حقيقية إلى وضع بني إسرائيل في مكانهم الصحيح تاريخيًّا وإظهار الصورة الحقيقية دون تحيُّز إلى جانب أو إلى آخر، فالعصر الحالي الذي يشهد بلا شك تفوق اليهود وتقدمهم وتأثيرهم في الغرب؛ نلاحظ تأثر مفكري أوروبا الذين رغم وضع حرية الفكر في الاعتبار عندهم فإن تلك الحرية لا تزال مقيَّدة بعض الشيء، فأوروبا لم تزل نصرانية إلى درجة تقاوم حرية الفكر تلك.
والعجيب أنَّ بعض أولئك المفكرين الأوروبيين قد نحَّوا كل أثر تركته الحضارات الأخرى واقتصروا التاريخ على اليونان والرومان وبني إسرائيل، وقد طووا معها ذلك الأثر العظيم لحضارات كالمصرية والكلدانية مع تفاهة أثر اليهود بالمقارنة بهم، فاليهود كانوا أمة بدوية كثيرة التنقل وقد استقروا في أرض فلسطين ليجدوا أنفسهم تحت مظلة أمة قوية متمدِّنة مستقرة منذ زمن، وعادة اليهود عمومًا أن يركنوا إلى الأمم القوية وفي نفس الوقت فهم ينعزلون بأنفسهم، وهذا ما فعلوه، إذ إنهم لم يقتبسوا من تلك الحضارة إلا عيوبها وخرافاتها، وتلك القبيلة البدوية كانت كثيرة التملُّق تقدِّم القرابين لآلهة آسيا أكثر ما قدموه لآلهة قبيلتهم “كالمعبود يهوه والعجول المعدنية وغيرها”.
الفكرة من كتاب اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
يمتلك اليهود تاريخًا طويلًا للغاية يعود إلى زمن قديم جدًّا، ورغم هذا فالتساؤلات تظل مستمرة حول إسهامات هذا الشعب في الحضارة الإنسانية والمعارف البشرية، فقد مرَّت هذه الأمة التي حملت اسم “بني إسرائيل” بلحظات أصبحت هي صفاتها الرئيسة كالعُزلة الشديدة رغم تعدُّد التنقل والترحال، والعجيب أنهم برعوا للغاية في التجارة والزراعة.
هي أمةٌ حرَّمت الربا على نفسها لكن أجازته للأجانب غير اليهوديين، وهم الذين انعزلوا بأنفسهم ولم يستفيدوا حتى من تقدُّم الأمم التي عاشوا في كنفها أو جوارها، وهم أيضًا الذين عُرِف تاريخهم بالانحلال والوحشية والتحلُّل الخلقي، لكن لفهم اليهود علينا دراسة تاريخهم خصوصًا في فترات الحضارات الأولى، وهذا ما يُقدِّمه ذلك الكتاب.
مؤلف كتاب اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
غوستاف لوبون: هو طبيب بشري ومؤرخ فرنسي شهير، اهتم بالكتابة في علوم الآثار والأنثربولوجيا والحضارة الشرقية، وكان أحد أشهر الفلاسفة الغربيين الذين أُعجبوا بالحضارة العربية والإسلامية وإسهاماتها وأيَّد فضلها على الحضارة الغربية، ومن أشهر مؤلفاته:
سيكولوجية الجماهير.
حضارة العرب.
فلسفة التاريخ.
معلومات عن المترجم:
عادل زعيتر: هو مُترجم ومُفكِّر فلسطيني، درس الآداب في الجامعة السلطانية في إسطنبول “عاصمة الخلافة العثمانية”، كما حصل على شهادة الحقوق من باريس عام 1925، وبعد فترة الحرب العالمية الأولى عُيِّن كعضو في المجمع العلمي العراقي، وقد برزت أعماله وترجماته لمؤلفات عديدة أكسبته لقب “شيخ المترجمين العرب”، ومن أهم أعماله:
ترجمة كتاب “العقد الاجتماعي”، للفيلسوف جان جاك روسو.
ترجمة كتاب الرسائل الفلسفية، للمؤلف فولتير.