بريطانيا والنزاع بين نَجْدَ والحِجَاز
بريطانيا والنزاع بين نَجْدَ والحِجَاز
بدأ النزاع بين ابن سُعُود والشَّريف حُسَين عندما أوعزت بريطانيا إلى الشَّريف حُسَين بالثورة على الدولة العثمانية مقابل أن تُقيم له دولة عربية مستقلة، وعلى الرغم من تأييد ابن سُعُود لثورة الحجاز فإنه ظل متخوفًا من مطالبة شَرِيف الحجاز بنَجْدَ كجزء من دولته التي وعدته بها بريطانيا، وزادت هذه التخوفات عندما أعلن الشَّريف حُسَين نفسه ملكًا على العرب عام ١٩١٦. ثم تدهورت العَلاقات بين نَجْدَ والحجاز بعد فرض الشَّريف حُسَين قيودًا على النجديين لمنعهم من دخول الحجاز لأداء فريضة الحج بسبب تخوفه من أعدادهم الكبيرة، خصوصًا أنهم كانوا مسلحين، ونجح كوكس في حل هذه الأزمة عن طريق إقناع ابن سعود بتخفيض عدد الحجاج النجديين وإرسال ممثلين معهم لمنع حدوث شغب وأعمال عنف قد تؤدي إلى اشتعال الحرب مرة أخرى بين نَجْدَ والحجاز.
وظلت بريطانيا تنحاز للشَّريف حُسَين في تعاملاتها في شبه الجزيرة على حساب ابن سُعُود، ومن مظاهر ذلك إقامة بريطانيا مملكة شرق الأردن وتنصيب ابنَي الشَّريف حُسَين فَيْصَل وعَبْدِ الله حاكمين على بغداد وعَمَّان، وذلك حتى تكون حاجزًا أمام توسعات ابن سُعُود، ولما أقدم على ضم وادي السَّرْحَان إلى نجد سارعت بريطانيا إلى ضمه إلى مملكة شرق الأردن. كذلك انحازت بريطانيا إلى الشَّريف حُسَين في خلافهما على منطقتي الخُرْمَة وتُرْبَة الواقعتين على الحدود بين نجد والحجاز، عندما منعت ابن سُعُود من التدخل العسكري فيهما على الرغم من إصرار الشَّريف حُسَين على الاستيلاء عليهما بالقوة، متجاهلًا المساعي السلمية من ابن سُعُود وبريطانيا لحل النزاع. وقد كان ذلك بداية تدهور العلاقات بين الشَّريف حُسَين والحكومة البريطانية، التي أصبحت تميل في سياساتها إلى ابن سُعُود الذي نجح في استغلال الأمر لتوطيد دعائم حكمه وتوسيع مملكته في الجزيرة العربية.
الفكرة من كتاب بيرسي كوكس والسياسة البريطانية إزاء أُمراء نَجْد، الكُويت، الِحَجاز، حَائِل (١٩١٥ – ١٩٢٣)
يتحدث الكتاب عن التطورات السياسية في الجزيرة العربية منذ نشأة الدولة السعودية عام ١٩٠٢ وحتى عام ١٩٢٣، وكيف أثَّر ذلك في تغيُّر الخريطة السياسية لدول الجزيرة العربية، كما يسلط الضوء على السياسة البريطانية تجاه أمراء الجزيرة العربية الذين كانوا سلاحًا للحد من تزايد نفوذ الدولة العثمانية، فقد عملت بريطانيا على إيجاد حالة من الوِفاق بينهم لتتمكن من استمالتهم إلى جانبها في الحرب العالمية الأولى حتى تستطيع هزيمة الدولة العثمانية، وقد وَجَبَ على بريطانيا التدخل في عديد من المواقف للحد من الخلافات ووقف النزاعات بين الأمراء، من أجل توطيد نفوذها وحماية مصالحها في الخليج العربي والجزيرة العربية وكذلك لحفظ توازن القوى بين دول الجزيرة العربية.
مؤلف كتاب بيرسي كوكس والسياسة البريطانية إزاء أُمراء نَجْد، الكُويت، الِحَجاز، حَائِل (١٩١٥ – ١٩٢٣)
صبري فالح الحمدي: باحث سياسي وأستاذ في جامعة المستنصرية بالعراق، تولى رئاسة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، حصل على جائزة أفضل كتاب عام ٢٠١١، كما حصل على مرتبة العلماء عام ٢٠١٦، له عديد من المؤلفات والأبحاث العلمية، مثل:
الصراع الدولي في الخليج العربي.
أضواء على تاريخ البحرين الحديث.
أشراف الحجاز في القرن الثامن عشر.