النضال من أجل ساعات وأيام عمل أقل
النضال من أجل ساعات وأيام عمل أقل
هناك سمة أساسية تُميز أي مجتمع رأسمالي، وهي “النزاع المستمر حول وقت العمل”، فجُل هَمِّ الرأسماليين هو رفع إنتاجية العمّال إلى الحد الأقصى، وزيادة الوقت الذي يقضيه العامل في العمل لقاء أجر يقدّره صاحب العمل، بينما على الجانب الآخر كان العمّال يسعون إلى تحقيق هدفين مهمين هما: رفع أجورهم إلى الحد الأقصى، وخفض وقت العمل لتوفير وقتٍ يقضونه كيفما شاؤوا، وفي ظل هذا الصراع بين الرأسماليين والعمّال، تمكن العمّال من تحسين أجورهم وخفض ساعات العمل بعد نضال دام لعقود.
كانت ساعات العمل للعمال والحرفيين في الولايات المتحدة الأمريكية تبدأ من شروق الشمس حتى غروبها لمدة ستة أيام في الأسبوع، وكانت نسبة كبيرة من شكاوى العمّال متعلقة بأنهم لا يجدون وقتًا للتعليم ووقتًا للفراغ، وبِناءً على ذلك اجتاحت الولايات المتحدة عديدًا من الحركات التي طالبت بتخفيض ساعات العمل، ومن أشهرها حركة “العشر ساعات” التي ظهرت في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، إذ طالب العمَّال بحقهم في أن يمارسوا مواطنتهم بالمشاركة السياسية والتعليم، وحقهم في وقت الفراغ للاسترخاء وممارسة هواياتهم، كما طالبوا بوضع حد للتكلِفة الباهظة من الناحيتين الجسدية والنفسية التي تسببها ساعات العمل الطويلة، وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، صار وقت العمل المكون من عشر ساعات هو القاعدة في عديد من المصانع.
وفي وسط المطالبة بعشر ساعات عمل، ظهرت حركة “الثماني ساعات” وكان شعارها: “ثماني ساعات عمل، وثماني ساعات راحة، وثماني ساعات كما يحلو لنا”، وبحلول عام 1920م أصبح وقت العمل المؤلف من ثماني ساعات وستة أيام في الأسبوع هو القاعدة خصوصًا في مجال التصنيع، وفي أواخر العشرينيات من القرن العشرين نادت النقابات العمالية بأسبوع عمل مؤلف من خمسة أيام في الأسبوع، وبحلول عام 1928م كانت هناك مئتان وسبعون شركة تطبق أسبوع عمل مؤلف من ثماني ساعات في اليوم وخمسة أيام في الأسبوع، وهو المعيار المطبق في الغرب حتى يومنا هذا.
الفكرة من كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
يُلقي الكتاب نظرة عامة وشاملة على وقت العمل في الماضي والحاضر، وتطور وقت العمل حتى وصل إلى وضعه الحالي، كما يُبين نضال العمال خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تقليل أيام العمل وساعاته، فكثير من الناس كانوا وما زالوا يعانون ويشتكون من العمل لساعات طويلة تستغرق معظم يومهم مقابل أجر زهيد لا يكفي احتياجاتهم كما أنه يتعارض مع مسؤولياتهم تجاه أسرهم، ويوضح الكتاب أيضًا أن هناك عديدًا من الخيارات التي يتخذها العمّال بإرادتهم أو رغمًا عنهم تؤثر في العَلاقة بين العمل والحياة، كالعمل بدوام جزئي أو العمل المؤقت، ويبين تأثير تلك الأعمال في الحياة الشخصية للعمّال.
مؤلف كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
سينثيا ل. نيغري: أستاذة مشاركة تدرِّس علم الاجتماع في جامعة لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية.
معلومات عن المترجمة:
ابتسام بن خضراء: مترجمة مغربية ذات أصل فلسطيني، حصلت على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق، ونالت درجة الدكتوراه، وتخصصت في الترجمة بعد التحاقها بالجامعة الأمريكية في القاهرة، من ترجماتها:
السيرة هيرمايوني لي.
المكتبة العامة وقصص أخرى.
كوكب في حصاة.
سباق مع الرياح.