المشاريع الصغيرة ودور الوعاظ
المشاريع الصغيرة ودور الوعاظ
45
يعتقد الكثيرون منا أن المشاريع العملاقة والكبيرة متعلقة تعلقًا لازمًا بالكم لا بالكيف؛ وهذه مغالطة توقعنا على الأرجح في شراك الكسل والتقاعس والإحجام عن خوض المبادرات الصغيرة واستغلالها الاستغلال الصحيح الأمثل حتى وإن كانت هذه المبادرات مدروسة وموعودة بالنجاح ونتائجها شبه مضمونة لأن مجرد التوقف وانتظار المعجزة وترقُّب اللحظات الكبيرة الحاسمة أوهام نحتال بها على أنفسنا وعلى الواقع للهروب من تحمل مسؤوليتنا، وسيكون من الجميل جدًّا لو تطلَّعنا إلى تحقيق الأكثر وعدم الاكتفاء والرضا بالقليل، ولكن الوعي بحقيقة إمكانياتنا وموقعنا وحدود واجباتنا يمثل الثغرة التي نحتلها في ظهر هذه الأمة، ويحتم علينا بطبيعة الحال زراعة ثقافة الممكن في تصوراتنا عن أحلام التغيير والمشاريع النهضوية بدلًا من الانطواء خلف خدعة الصعب البعيد والمستحيل غير الكافي، ولهذا علينا أن نتذكَّر دائمًا أن الأمم العظيمة لا تُصنع إلا في معامل الأبطال الصغار، والأعمال الجادة والجهود المتضافرة هي التي تصنع المعجزات وأن دفة التاريخ لا تحركها الانقلابات المفاجئة، إنما هي حركة متواصلة من الجهود الصغيرة والمساعي طويلة النفَس.
وهذا يؤدي دورًا مهمًّا في تهوين المخاوف من تقديم نماذج إصلاحية متواضعة، ويسهل علينا تحديد الأطر العملية ويقينا فقدان الحماس والشغف لذلك ليأتي دور الوعاظ التعبوي في الترويج لهذه المشاريع؛ الوعاظ الذين تتميز أنشطتهم بالبذل غير المشروط والعطاء غير المنقطع والحرص على مصالح العباد والاتجاه نحو جميع الناس باختلاف مواقعهم الاجتماعية وانتماءاتهم، مبتعدين عن المشاحنات والحزبية يسيرون بالركب الدعوي والجهد الإصلاحي مسيرة المتزن الناضج بدوافع داخلية راسخة وأهداف مدروسة واضحة.
الفكرة من كتاب التفكير في المفقود
في ضوء انهيار الأمة على جميع الأصعدة والمستويات ونزولها من على خشبة المسرح العالمي وتقهقرها في السباق الدولي للأمم، ومع تخلِّيها عن القيام بأدوارها المنوطة بها وارتضائها لحالة الذل والهوان وركونها للاستهلاك والكسل، يعتبر هذا الكتاب بمثابة الورقات العلمية والإضاءات الفكرية الساعية لإيقاظ الضمير والوعي في محاولة التنبيه لأهمية استعادة الذات والهوية الإسلامية من جديد وإحياء التفكير في المفقود والدعوة إلى استرداده.
مؤلف كتاب التفكير في المفقود
عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: كاتب سوري وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود، وقد حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم اللغة بالكلية نفسها.
له العديد من المؤلفات والكتب، منها: “القراءة المثمرة”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”تجديد الوعي”، و”اكتشاف الذات”.