القسوة
للأسف يسير بعض الملتزمين على نهج القسوة المفرطة في تربية أبنائهم، والإجبار على فعل الطاعات والضرب على أي خطأ، مما يترك عند الطفل انطباعًا سيئًا عن “الالتزام”، ويتم نسيان القاعدة الأصلية في التربية وهي الرفق، حيث لا يكون في شيء إلا جمَّله، وكل ما يحتاج إليه الآباء من أبنائهم لا يتم إلا بالرفق.
وتلك القسوة لها أضرارها كالشعور بالخوف، حيث تؤدي كثرة العقاب أو شدته إلى الشعور بالخوف، الذي يؤدي إلى رد فعل دفاعي غير سوي، ويؤثر أيضًا في وظائف أعضاء الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى الأمراض النفسية والجسمانية، ويؤثر في سلامة التفكير أو الحركة، وأيضًا تؤدي القسوة إلى فقدان الثقة بالنفس، بسبب العقاب البدني أو النقد الكثير خصوصًا أمام الناس، فيحاول الطفل الانتقام ممن يعاقبه على طريقته وهي العناد، فيفعل عكس ما يُطلَب منه، ويتحوَّل الوالدان بعد ذلك إلى أعداء للطفل، فيخاف منهما ولا يقيم معهما علاقة دافئة، فما أسوأ الحياة عندما يكون قدوم الأب غير مرغوب فيه، ويصيب الكل الكآبة، وحين يخرج تصفو الحياة وتنفك القيود!
فالعقائد لا تستقر في النفوس عن طريق العنف والقهر على الإطلاق، وإنما تستقر بالإقناع والحجة والدليل، فبالإجبار والقسوة لا يخرج إلا جيل يناقض نفسه لا يعرف إلا الكذب والتلوُّن! وهذا كله لا يعني خلو التربية من العقاب، فتربية بلا تأديب هباء، والتأديب الصحيح هو التأديب الذي يحمل رسالة واضحة بالخطأ المرتكَب وبضرورة عدم تكراره، وأيضًا من المهم الأخذ في الاعتبار اختلاف طبيعة كل فرد عن الآخر، فمنهم العنيد والهادئ والذكي، فبعضهم يصلح معه التوبيخ والآخر النظرة العابسة، والآخر الضرب ولكن بضوابطه، والمزيد من الجهد التربوي الإيجابي سوف يقلِّل من الحاجة إلى التأديب والعكس صحيح، ولا يلجأ المربي إلى الضرب إلا بعد استنفاد جميع الوسائل التأديبية والزجرية؛ فالتوجيه المباشر، ثم العتاب ثم التوبيخ، ثم الحرمان من الشيء، ومن ثم يتم اللجوء إلى الضرب والتدرُّج في استعماله.
الفكرة من كتاب أبناء الملتزمين
مع بداية انتشار الوعي، وعزم جيل الصحوة على الزواج، ظنَّ الجميع أنهم سيخرجون جيلًا ينصر الأمة الإسلامية، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، وأخرجوا جيلًا غير متوقع، إلا من رحم الله، ومن هنا يتحدث الكاتب عن بعض الأخطاء التربوية التي يقع فيها الملتزمون عندما يظنُّون أنهم هكذا يربون أبناءهم على الالتزام، ويصحِّح بعض الخبرات التربوية الخاطئة، ويشرح الفرق بين الهداية الفطرية والإرشادية والتوفيقية، وكيفية تقويم السلوكيات وزرع أرض تربوية أساسها المحبة بين الوالدين والأبناء.
مؤلف كتاب أبناء الملتزمين
عبد الرحمن ضاحي: كاتب صحفي ومدوِّن مصري، مهتم بقضايا التربية وكيف نربي النشء تربية صحيحة.
له العديد من المؤلفات والكتب منها:
– إنسان صح.
– حلم البراءة: مالكوم إكس عطاؤه الفكري ومنهجه الإصلاحي.