الركوع
وهو الخضوع بظاهر الجسد استكانة لهيبة الله وتذللًا لعزته فيتصاغر في القلب كل تعظيم للخلق والنفس، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يطيل الركوع كإطالته للقيام ويردِّد بتأنٍّ وتدبُّر: “سبحان ربي العظيم”، ويزيد عليها “سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة”، والجبروت قد تكون بمعنى القهر والغلبة أو بمعنى جبر الكسر والنفوس، والملكوت تعني الملك الظاهر الدال على عظمته وقدرته فيكون دليلًا على ما غاب عنا من مشاهد الغيب الأخرى كالجنة والنار والكرسي والعرش وغيرهم، والكبرياء هو الترفع عن الانقياد، وهو مذموم في حق البشر محمود في حق الله، فالكبرياء رداؤه (عز وجل) من نازعه فيه قصمه.
وكان النبي يتقلَّب بين الدعاء السابق وغيره من الأدعية، فتارة يقول: “اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعصبي”، وتارة أخرى يقول: “سبوح قدوس رب الملائكة والروح”، أي تنزَّه الله عن النقص والشريك، وتارة أخرى يقول: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي”، فطلب المغفرة ثمرة الخضوع لله، وهذه الأدعية الأربعة إلى جانب التسبيح تصل بالمرء إلى هدف الركوع وهو الخضوع لعظمة الله وجلاله، فمن لم يصل إلى ذلك المعنى فلا يرفع رأسه حتى يتذوقه.
ثم ينتقل المرء إلى مقام الاعتدال ويقول: “سمع الله لمن حمده”، فالاعتدال من الركوع ركن مقصود بذاته، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يطيله كما يطيل الركوع والسجود فيكثر فيه من الثناء والحمد والتمجيد.
الفكرة من كتاب أول مرة أصلي
الصلاة ليست حركات وسكنات تستغرق بعضًا من الوقت وتنقضي، بل هي حركة تصحيحية يتربى فيها القلب على مراقبة الله وامتثال الوقوف بين يديه وترسيخ معنى المراقبة في النفس، خمس مرات في اليوم والليلة لتغيير مسار الحياة وتغيير الوجهة.
يؤصل هذا الكتاب للتأثير في النفوس وتوريث الخشوع ليكون القارئ ممن صدق فيهم قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “وجعلت قرة عيني في الصلاة”.
مؤلف كتاب أول مرة أصلي
خالد أبو شادي: دكتور صيدلي وداعية إسلامي، ولد عام 1973م بمحافظة الغربية بمصر.
له العديد من الكتب والمحاضرات في الوعظ والإرشاد الديني، من أشهر مؤلفاته:
جرعات الدواء.
صفقات رابحة.
سباق نحو الجنان.
رحلة البحث عن اليقين.