الثقافة والقيم
الثقافة والقيم
تلعب الثقافة الدور الأكبر في استقامة الفِكر أو اعوجاجه، وتتكوَّن الثقافة من منظومات التفكير، ومنظومات القيم الدينية والأخلاقية، ومنظومات العمل، وتكمن أهمية الثقافة في أنها تمكِّن الأفراد من الإبداع والبحث عن حلول جديدة للمشاكل، وتُمكِّن أفراد المجتمع من التواصل فيما بينهم.
ويشير المؤلف إلى مستويين من مستويات الثقافة هما: الثقافة العليا، والثقافة الشعبية؛ فالثقافة العليا هي التي تحتاج من الفرد إلى قدرٍ من التعليم من خلال القراءة والممارسة والحوار، بينما الثقافة الشعبية هي التي يكتسبها الفرد أثناء معايشته اليومية للمجتمع بغير وعي منه، وتكمن وظيفة الثقافة العليا في تنظيم المجتمع وحل مشكلاته وبناء هويته، بينما ترتكز مهمة الثقافة الشعبية على تحقيق التواصل والتجانس بين أبناء المجتمع، وتتسع الفجوة بين الثقافة العليا والثقافة الشعبية حينما تعجز الثقافة العليا عن إبداع النظم الحضارية وحل المشكلات المجتمعية، بينما تقل هذه الفجوة في أوقات عطاء الثقافة العليا وإبداعها.
أما الثقافة التي نحتاجها من أجل النهوض هي ثقافة مبدعة تُبدع حلولًا للمشكلات التي نواجهها اليوم بدل الاعتماد على حلول الغرب ورؤاه، كما أنها ثقافة عملية تترجم الأفكار إلى برامج وسلوكيات وتستثمر كل المعطيات الموجودة لتحسين الواقع.
وتشكل القيم جزءًا مهمًّا من منظومتنا الثقافية والفكرية، لذلك لا بد من الاعتناء بها وتعزيزها، ومن الواضح أن الأمة اليوم تعاني ضعف سيطرة قيمها على السلوك والحركة اليومية للأفراد، لذلك من المهم تعزيز القيم وترسيخها في النفوس مرةً أخرى، ويمكن ذلك من خلال دفع المسلم إلى الانخراط في الحياة العامة وتحمّل المسؤوليات لأن ذلك يُبرز فاعلية منظومتنا الأخلاقية، كما يتوجَّب علينا أن نبرز المواقف الأخلاقية الموجودة في تاريخنا للناشئة والجيل الصاعد حتى تترسَّخ لديهم هذه القيم منذ الصغر.
الفكرة من كتاب من أجل انطلاقة حضارية شاملة
كيف نستعيد الحضارة الإسلامية؟ هل ننهل من التراث أم ننقطع عنه؟ كيف نلحق بالحضارات الأخرى؟ من أين نبدأ عملية النهضة؟ أسئلة مثل هذه تراود المسلم المعاصر كثيرًا ويبحث عن إجابات وافية لها، ويأتي كتاب “من أجل انطلاقة حضارية شاملة” -وهو الجزء الثاني من سلسلة بعنوان “المسلمون بين التحدي والمواجهة”- ليجيب عن بعض هذه التساؤلات، ويتحدث عن أهم الشروط والأسس الضرورية التي يحتاج المسلمون إلى توفيرها حتى ينهضوا حضاريًّا ويصلحوا شؤون دينهم ودنياهم، ويتناول الكتاب أفكارًا حول الثقافة والتراث والفِكر والإنسان والمجتمع، كما يناقش أهمية إدراك الواقع والتخطيط للمستقبل.
مؤلف كتاب من أجل انطلاقة حضارية شاملة
الدكتور عبد الكريم بكار: مؤلف وكاتب سوري، وُلد عام 1951م، وتتناول مؤلفاته القضايا المتعلقة بالحضارة الإسلامية والنهضة والفِكر والتربية والعمل الدعوي.
من مؤلفاته: “نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”مدخل إلى التنمية المتكاملة”، و”حول التربية والتعليم”.