الاتحاد السوفييتي والفوضى المنظَّمة
الاتحاد السوفييتي والفوضى المنظَّمة
وصلت النهضة الكروية إلى الاتحاد السوفييتي في وقت متأخِّر، وظلَّت طريقة اللعب التقليدية (2-3-5) “الهرم” هي الطريقة الشائعة في الاتحاد السوفييتي، ولم يؤدِّ تغيير قانون التسلل إلى فارق كبير على المستوى الخططي، لكن كل ذلك تغير في عام 1937 عندما وصل فريق من إقليم الباسك “الإسباني” إلى الاتحاد السوفييتي لخوض عدة مباريات ودية تستهدف رفع الوعي بقضية إقليم الباسك في أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، وكانت هذه الجولة لها اهتمام بالغ من خلال وسائل الإعلام لندرة مواجهة الفرق الأجنبية وقتها.
نجح فريق إقليم الباسك في سحق الفرق السوفييتية، وقد اعتمد الباسكيون على طريقة “دبليو إم”، وهو ما دفع نيكولاي ساروستين المدير الفني لفريق سبارتاك السوفييتي إلى استدعاء لاعبين من كل الفرق ليواجههم بطريقتهم ذاتها، وحوَّل ساروستين لاعب الوسط المدافع إلى ظهير ثالث لتقليل فاعلية مهاجمي الباسك، وقال ساروستين: “سبارتاك استخدم النسخة الدفاعية من طريقة (دبليو إم) من خلال تعزيز الظهيرين بإضافة ظهير ثالث، وعند الضرورة يتراجع ظهيرا الطرف إلى الخلف”، وحظيت مواجهة الباسكيين باهتمام بالغ، حتى أن أعضاء منظمة الشباب الشيوعي الروسي، وأعضاء الحزب كانوا يبيتون في معسكر التدريب نظرًا إلى أهمية المباراة، وبالفعل نجح سبارتاك في العودة من تأخره بهدفين إلى الفوز (6-2)، فنجحت طريقة ساروستين حديثة التطبيق في روسيا.
أثارت انتصارات الباسك اهتمام “بوريس أركادييف”، وهو أول محلل سوفيتي كبير في كرة القدم، وقرَّر أركادييف إجراء تعديلات تكتيكية كشكل محسَّن من طريقة (WM)، وهو “إضافة اللاعب الحر في الهجوم”، وبدأ أركادييف الموسم بنتائج سيئة، لكنه لم يتراجع، وتمكَّن في النهاية من إخراج لاعبيه تدريجيًّا من الإطار التقليدي لطريقة (دبليو إم)، فأضاف بذلك الطابع الروسي على الطريقة التي ابتكرها الإنجليز، فبمنحه الحرية لخط الهجوم، أربك الخصم ونزع منه أسلحته الدفاعية بالتحرُّكات المفاجئة، وعُرِفت تحرُّكات مهاجمي فريق “دينامو موسكو” في الصحف باسم “الفوضى المنظمة”، وحاولت الفرق التغلُّب عليه بفرض رقابة رجل لرجل، إلا إن أركادييف ضرب سلاحهم ذلك بجعل لاعبيه يتبادلون المراكز بشكل أكبر.
مع هذه الحرية لخط الهجوم بدأت تدريجيًّا طريقة 3-2-2-3 “دبليو إم” في التحوُّل إلى طريقة (4-2-4)، فكان أركادييف بذلك هو أول من نشر أربعة لاعبين في خط الظهر، وتدريجيًّا، ومع حرية لاعبي الوسط في دعم الهجوم وتكليفهم بأدوار دفاعية بدأت طريقة (4-2-4) في الظهور، وقد كتب دافي ميكيلجون القائد السابق لفريق رينجرز في صحيفة (ديلي ريكورد): “تبادل الروس أماكنهم لدرجة أن المهاجم الأيسر كان يلعب في الجناح الأيمن والعكس، لم أرَ في حياتي هذه الطريقة في كرة القدم، كانت عملية متابعة اللاعبين في مراكزهم كما هي مرسومة في الخطة أشبه بالبازل الصيني، يتنقَّلون ببساطة هنا وهناك كما يريدون، ولا يحدث تداخل بينهم قط”.
الفكرة من كتاب الهرم المقلوب.. تاريخ تكتيكات كرة القدم
يُبيِّن الكاتب تاريخ تكتيكات كرة القدم وتطوُّرها، مُستعرِضًا أبرز معالم تطور التكتيك والتشكيل في كرة القدم منذ ابتكارها، وذلك بدايةً من تشكيل (دبليو إم)، ومرورًا بالفوضى المنظمة التي ابتكرها السوفييت وإبداعاتهم التكتيكية، وصولًا إلى الكاتيناتشو الإيطالية
مؤلف كتاب الهرم المقلوب.. تاريخ تكتيكات كرة القدم
جوناثان ويلسون: هو صحافي وكتاب بريطاني مخضرم، متخصِّص في كرة القدم، ويكتب للعديد من الصحف في المملكة المتحدة كـ(الجارديان، والإندبندنت، وسبورتس إلستريتد)، ومن كتبه إلى جانب كتابه هذا:
خلف الستار: أسفار في عالم كرة القدم في أوروبا الشرقية.
تشريح إنجلترا: تاريخ في عشر مباريات.
معلومات عن المترجم:
أحمد لطفي علي: هو صحافي ومراسل اقتصادي، ومترجم، تخرَّج في كلية الآداب قسم اللغويات الإنجليزية والترجمة من جامعة حلوان بمصر عام 2002، ومارس العمل اللغوي والصحفي في عدة دول عربية، كما عمل في السابق مديرًا لتحرير مجلة “قطر اليوم” الصادرة من الدوحة، ومن ترجماته:
سيف فارس.
حكايات شعبية من هاواي.
سلسلة الحكايات الهندية.
إلى جانب كتاب “أقنعة الثقافة العربية”.