الإنترنت والتمييز المجتمعي
الإنترنت والتمييز المجتمعي
على الرغم من اعتقاد البعض أن الإنترنت يرسخ المساواة الاجتماعية، فإنه أيضًا يسهم في تعزيز التمييز المجتمعي من نواحٍ عدة، أبرزها التفرقة الجنسية والعِرقية وتهميش ذوي الإعاقات، وتكمن خطورة التحيزات الجنسية على الإنترنت في انتشار التحرش الجنسي الإلكتروني بالنساء، واستخدام الإنترنت في ملاحقتهنَّ حتى بيوتهنَّ وتعريضهنَّ للاعتداءات الجنسية، كذلك يتعزز التمييز الجنسي من خلال تمثيل شخصيات النساء في الألعاب الرقمية بصورة مثيرة خاضعة للذكور، ويقتصر هدفها على إرضائهم، مما يرسخ مشكلة العنف ضد المرأة، وعلى الرغم من ذلك فقد ساهم الإنترنت في ظهور الحركات النِّسْوِية الإلكترونية التي تنادي بالمساواة بين الجنسين، وتساعد النساء على فضح جرائم التحرش الجنسي.
أما التمييز العِرقي فيظهر من خلال سيطرة العِرق الأبيض على المناصب العُليا في الوظائف التقنية بدعوى أن السود والملونين يفتقرون إلى المهارات والقيم اللازمة للعمل، كذلك تظهر العنصرية الإلكترونية في تصميم الشخصيات داخل العوالم الافتراضية، ومنع الملونين من دخول بعض مواقع الويب وغرف الدردشة، وللتغلب على هذه التحيزات يجب إشراك مواطنين أكثر تنوعًا، في اللون والدين واللغة، في عمليات تصميم وتنفيذ الأجهزة والبرامج الرقمية.
ومن أعقد قضايا التمييز الإلكتروني، تهميش ذوي الإعاقة، سواء فاقدي البصر أو السمع أو القدرة الحركية، فعلى الرغم من أن التقنية الرقمية سهلت حياتهم فإن من الصعب الحصول عليها، كأجهزة الحاسوب التي تمكن المكفوفين من تحميل مستندات من الإنترنت وتحويل نصوصها إلى صوت، لكنها تعتمد على مواقع خاصة تظل غالبيتها غير متاحة لهم أو ذات تكلفة عالية، لذلك ينبغي مراعاة تيسير وصول هذه التقنيات إليهم وتخفيض تكلفتها.
الفكرة من كتاب الحياة الرقمية: الثقافة والسلطة والتغير الاجتماعي في عصر الإنترنت
الثورة التقنية هي الثورة الرابعة في وسائل إنتاج المعرفة، وقد تبعت الثورات الثلاثة في اللغة والكتابة والطباعة، وأحدثت في مجتمعاتنا تغيرات وتطورات هائلة أربكت عقولنا، فبعض الأشخاص متيمون بالتقنيات الرقمية الحديثة وقدراتها العظيمة، وآخرون يشعرون بالذعر من كونها بداية نهاية العالم الإنساني، لكن معظمنا ما زال يتساءل إلى الآن: هل ستعمل الثورة الرقمية على تحسين حياتنا أم إفسادها؟
إن هذا الكتاب لا يهدف إلى الجزم بإيجابيات التطور الرقمي أو العكس، بل يتعمق داخل التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية الناتجة عن انغماسنا في العالم الرقمي، كما يلقي الضوء على دور التقنيات الرقمية، كالإنترنت والألعاب الرقمية والتعليم الإلكتروني في حياتنا، ويناقش جوانبها الإيجابية والسلبية كافة بحيادية تامة ،كي نتفادى مخاطرها ونحقق الاستفادة القصوى منها فنجعل عالمنا أفضل.
مؤلف كتاب الحياة الرقمية: الثقافة والسلطة والتغير الاجتماعي في عصر الإنترنت
توماس فيرنون ريد: أستاذ الدراسات الإنجليزية والأمريكية بجامعة واشنطن، وأستاذ زائر بجامعتي يورك وتورونتو، من مؤلفاته:
The Art of Protest.. Culture and Activism from the Civil Rights Movement to the Streets of Seattle.
معلومات عن المترجمة:
نَشْوَى مَاهِر كَرَم الله: حاصلة على الدكتوراه من كلية البنات جامعة عين شمس قسم أصول التربية، ترجمت عدة مؤلفات منها: “خرافة الزعيم القوي”.