الآخرون أولًا والحياة ثانيًا
الآخرون أولًا والحياة ثانيًا
يتجاوز الاهتمام بالآخرين الحدود المعقولة، فالانشغال الزائد بهم قد يوصل المرء إلى أن يسير بخطًى ثابتة نحو الموت تاركًا وراءه كل ملذات الحياة، منشغلًا فقط بما يتركهُ في نفوس الآخرين بعد هلاكه، والتاريخ يمثل أكبر شاهد على مثل هذه الأفعال الحمقاء، ففي عام 1846م أُعدم “توماس ويكني” الذي اتُّهِمَ بقتل مؤجِّرة بدافع الانتقام، وحينما لُفَّ حبل المشنقة حول عنقه شرع في إرسال التحايا إلى الحشود المتفرجة التي تهتف باسمه متغافلًا عن نهايته وفعله الشنيع!
ويمكن القول إن هذه الأفعال ناتجة من النوازع المتأصلة في البشر كالطموح، والغرور، والكبرياء، وإن كانت الكبرياء أسمى من الغرور، إذ إنها لا تعتمد على موافقة الآخرين بل على القناعة الراسخة في نفس صاحبها، ومن الملاحظ أن الكبرياء الأكثر شيوعًا في العالم هي الكبرياء القومية، إذ يُخفي المرء عيوبه وخواءه النفسي متماهيًا مع المزايا الافتراضية التي يتقاسمها مع شعبه، لهذا نجد كل أمة تسخر من الأخرى ولا يحدث أن يفعل هذا أبناء الوطن الواحد، فهذا يعني فضح عيوبهم.
كما يعد الشرف موضوعًا مهمًّا في رأي الآخرين، فهو يجعلنا نُصاب بالهم والخوف في حال إدراك المرء أن قيمته نقصت في أعين الآخرين وإن كان بريئًا من التهمة الموجهة إليه، ففقدانه نهائي غير قابل للاستعادة أو الترميم إلا إذا كان ضحية للقذف أو تشويه السمعة، لهذا وضعت القوانين لتجريم التشهير وقذف الناس.
ويتنوع الشرف كلما كَثرت روابط الشخص بالآخرين فتجعله موضع ثقة بالنسبة إليهم، والأصل في هذه الروابط يتمثل في قاعدة “ما لي وما لك”، أي الواجبات المتبادلة بيننا.
والتوأم الآخر للشرف هو المجد، ولكنه على خلاف أخيه الفاني الخاضع لحكم الآخرين ومعاييرهم، فالمجد باقٍ، لذلك الحصول عليه لا يكون إلا للقادرين على تحقيق إنجازات ومؤثرات فردية متأصلة فيهم، لهذا يعد الوصول إليه صعبًا ولكن الحفاظ عليه أسهل من الحفاظ على الشرف، كما أن المجد قطعة نادرة من مبحث السعادة تداعب مشاعر الفخر في النفوس كافة.
الفكرة من كتاب فن العيش الحكيم: تأملات في الحياة والناس
إن الحياة محكومة بقواعد أساسية كلما فطن الإنسان إليها استطاع العيش بسلام، ومن هنا سطر الفيلسوف شوبنهاور تلك القواعد في كتابه وأظهر مدى علاقتها بسعادة الإنسان وإلى أي مدًى يمكن أن تؤثر فيه، وسبل التعامل الأفضل مع الآخرين، وما يُعكر صفو حياته ويسبب الحزن له، وكيف أن السعادة والمكاسب المتحصلة خلال الحياة تختلف باختلاف المرحلة العمرية، وأي المراحل -الشباب أم الشيخوخة- تكون أفضل له.
فإن كنت ترى أن أحد هذه التساؤلات يهمك وتريد معرفته، فدعنا نأخذك للإجابة عنها بين طيات الكتاب.
مؤلف كتاب فن العيش الحكيم: تأملات في الحياة والناس
آرثر شوبنهاور : فيلسوف وناقد ألماني عُرف بفلسفته التشاؤمية عن الحياة إذ إنه يراها شرًّا مطلقًا، ويُعَدُّ أشهر مؤلفاته كتاب “العالم فكر وإرادة”، الذي سطر فيه فلسفته التي تربط بين العلاقة بالإرادة والعقل، فيرى العقل أداة بيد الإرادة وتابعًا لها.
ألَّف عددًا من الكُتب والأبحاث تجاوزت 36 كتابًا، منها:
فن أن تكون على صواب.
الأمثال عن الحكمة في الحياة.
العالم المتصور.
معلومات عن المُترجم:
عبد الله زارو: مترجم وكاتب مغربي الجنسية، مهتم بالشؤون المجتمعية الريفية، وقد ترجم عددًا من الكُتب، ومنها:
في الحل والترحال: عن أشكال التيه المعاصر.
مزايا العقل الحساس: دفاع عن سوسيولوجيا تفاعلية.
جغرافيا جبل نفوسة: دراسة ميدانية في الجغرافيا الطبيعية والمدنية.