أوهام تضلل المديرين
أوهام تضلل المديرين
بما أنه لا يمكن توقع الأسباب الدقيقة التي تتحكم في أداء الشركات، كما هو الحال في دراسات العلوم التجريبية، يسعى المديرون والمهتمون بعالم الأعمال إلى محاولة البحث عن دلائل تتعلق باختلاف أداء الشركات، لمساعدتهم على تحقيق مستوًى رفيعٍ من الأداء في الشركات التي يعملون بها.
ويبحث المديرون عن هذه الدلائل في كتب الأعمال الأكثر مبيعًًا، لكن بدلًًا من معرفة الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع معدل أداء الشركات، يقعون في فخ الاعتقاد بمجموعةٍ من الأوهام المضللة والمعتقدات الخاطئة.
يعتقد المديرون، على سبيل المثال، أن بإمكانهم معرفة الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدل أداء الشركات، عن طريق دراسة الشركات الناجحة فقط.
ويمثل هذا المعتقد أحد الأوهام المضللة، لأن عديدًا من الدراسات التي تناولت الشركات الناجحة فقط تقتصر على دراسة نقاط التشابه بين هذه الشركات، مما يجعلها تقع في فخ تفسير أيّ من نقاط التشابه على أنها أحد الأسباب الرئيسة وراء هذا النجاح.
كذلك يعتقد المديرون بإمكان تحقيق بعض الشركات للنجاح الدائم، رغم أن الأسواق التجارية -كما هو معلومٌ- لا تخلو من حدوث بعض التغيرات التي تَحُولُ دون محافظة أي شركةٍ على معدل أدائها المرتفع بشكلٍ دائم، إذ يميل المنافسون إلى محاكاة أساليب الشركات الرائدة، وتدخل مجموعةٌ من الشركات الجديدةٍ إلى الأسواق بشكلٍ مستمر، وهذا ما يجعل عديدًا من الشركات التي تحقق معدلًًا مرتفعًًا من الأداء، تميل إلى تحقيق مستوًى متوسط من الأداء بعد مرور مدةٍ من الزمن.
كذلك يعتقد كثير من المديرين في عالم الأعمال أن أهمية النتائج التي تحتويها الدراسات، تقاس بمقدار ما جمعته هذه الدراسات من بيانات وما بذل فيها من مجهود، إذ يؤكد الكم الهائل من البيانات التي جُمعِت على التزام هذه الدراسات بمعايير البحث العلمي الدقيق.
لكن الحقيقة عادة ما تكون خلاف ذلك، فكما عرفنا، لا تلتزم كثير من الدراسات في عالم الأعمال بمعايير البحث العلمي الدقيق، نتيجة وقوع هذه الدراسات في كثير من الأشياء المضللة التي تحدثنا عنها، كتأثير الهالة، ووهم التفسيرات الأحادية، وهو ما يجعل النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات لا تمثل أي أهمية علميةٍ أو قيمةٍ حقيقيةٍ للمديرين في عالم الأعمال.
الفكرة من كتاب تأثير الهالة.. وثمانية أوهام أخرى تضلل المديرين في عالم الأعمال
ينجذب المديرون في عالم الأعمال تحت ضغط تحقيق مزيدٍ من الأرباح إلى الكتب التي تزعم كشف أسرار النجاح في عالم الأعمال، ورغم أنه من الصعب في معظم الأحيان معرفة الأسباب الدقيقة وراء نجاح بعض الشركات وفشل بعضها الآخر؛ نتيجة كثرة العوامل التي تؤثر في أداء الشركات بصورةٍ أو بأخرى، فإن عديدًا من كتب الأعمال تدعي معرفة الأسباب الدقيقة وراء هذا النجاح، وتحتل هذه الكتب قمة الكتب الأكثر مبيعًًا وشهرة.
وعلى الرغم من جميع المزاعم التي تدعيها هذه الكتب، التي من أبرزها الالتزام بالدقة العلمية، فإن القليل منها فقط هو ما يقدم إجاباتٍ حقيقية يمكن الاعتماد عليها نتيجة وقوع الدراسات التي تعتمد عليها هذه الكتب في كثير من الأوهام المضللة.
يحتوي هذا الكتاب على التعريف بهذه الأوهام المضللة، التي تجعل المهتمين بعالم الأعمال يعتقدون بعديد من الأحكام غير الدقيقة حول الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدل أداء الشركات.
مؤلف كتاب تأثير الهالة.. وثمانية أوهام أخرى تضلل المديرين في عالم الأعمال
فيل روزنتسفيغ : درس روز الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة كاليفورنيا، ثم نال شهادة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا، وعمل أستاذًًا في كلية هارفارد للأعمال لمدة ست سنوات، ثم عمل بعد ذلك أستاذًًا في المعهد الدولي للتطوير الإداري الموجود في سويسرا، له عديد من الخبرات في التعامل والتعاون مع الشركات الرائدة المتعددة الجنسيات في مسائل وضع الاستراتيجيات والتنظيم.
من مؤلفاته:
Left Brain, Right Stuff: How Leaders Make Winning Decisions.