واقع المُسلمين فكريًّا قبل الإصلاح
واقع المُسلمين فكريًّا قبل الإصلاح
كانت البلاد الإسلامية في أولى الحملات الصليبية يعصف بها الفساد من عدَّة أركان، فكان السمت الظاهر في الفكر الإسلامي حينها هو الصراع المذهبي، وكان ولاء الجماعات لمذاهبها وليس للفكرة التي يحملها الإسلام للناس، فكانت المدارس المذهبية تشبه الأحزاب والجماعات في زمننا، واعتبر أهل كل مذهب أنهم أصحاب الحق، وأخذت كل مدرسة تفخر بمؤسس المذهب التابعة له، على الرغم أن هذا لم يكن نهج الأئمة، فالإمام الشافعي قد تعلّم على يد الإمام مالك، والإمام أحمد كان من تلاميذ الإمام الشافعي.
وكان من أخطر الآثار لتلك الصراعات الانقطاع عن الاتصال المُباشر بالقرآن والسُنَّة، فحقيقة مؤلفات الأئمة هي اجتهاداتهم لفهم الكتاب والسُنَّة، وتأمُّلاتهم في الأنفس والآفاق، على عكس أتباعهم الذين حصروا أنفسهم في المؤلفات، وبهذا غاب حس الإبداع وتعطَّل الاجتهاد في الفكر الإسلامي.
كما تأثَّرت الأحوال السياسية بهذا الصراع، فقد سعى أهل كل مذهب لتحكيم رجاله، بل وصارت الحكومات توظِّف المذاهب وفقًا لهواها وأغراضها، فاستخفَّت الدولة بالشيوخ والوعاظ، وصار السلاطين والقادة هم من يسيطرون على المؤسسات.
ومن أركان الفساد انحراف الحركة الصوفية وانقسامها، فبداية الصوفية كان الغرض منها تزكية النفوس، ولكن بدأت تغلو في آرائها وتنحرف بمعتقداتها، فانقسموا إلى مذاهب كان لكلِّ مذهب معتقداته التي كان بعيدة كل البُعد عن التفكير الإسلامي الصحيح.
إلى جانب ذلك ازدهرت الحركة الباطنية التي تهدف إلى إفساد العقيدة الإسلامية، فأوَّلت الآيات وأخرجتها عن مضمونها، بل كان للباطنيين دور كبير في دعوتهم لإسقاط الخلافة العباسية، كما كان للفلاسفة دور كبير في نشر الفكر اليوناني والهندي وخلطه بصحيح العقيدة.
ولهذا اتسم التكوين العقائدي والفكري في تلك الفترة بسمتين، هما: تحوُّل مؤسسات الفكر الإسلامي عن حقيقة الإسلام وجوهره، والسماح للعقائد والأفكار الأخرى بالاختلاط في بيئة المُسلمين الضعيفة فكريًّا.
الفكرة من كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
حينما نتحدَّث عن تحرير القُدس تبدأ الأشجان في تذكُّر صلاح الدين، ويتساءل الناس دومًا: أين صلاح الدين الآن؟! والسؤال الحقيقي الذي لا بد أن نسأله لأنفسنا، هل الذي حرَّر القُدس كان صلاح الدين وحده؟ وهل ظهر صلاح الدين فجأة بين المُسلمين فقاموا معه؟ أم أن هُناك آلاف صلاح الدين قبل صلاح الدين نفسه؟ وهذه هي الحقيقة الكُبرى التي تغيب عنَّا! فلم يُحرِّر صلاح الدين القدس وحده، بل حرَّرها كثيرون قبله بعشرات السنين حين بدؤوا في تهيئة الجيل الذي ظهر فيه صلاح الدين، فحرَّروه فكريًّا ونفسيًّا وعقديًّا.. في كتابنا قدَّم لنا الكاتب أحداث ما خلف الستار التي من خلالها نعرف صلاح الدين مُحرِّر القُدس.
مؤلف كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
ماجد عرسان الكيلاني: مُفكِّر ومُؤرِّخ وتربوي أُردني، وُلِد عام 1932م، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الدكتور ماجد الكيلاني على عديدٍ من الجوائز والتكريمات من دول العالم المُختلفة، منها: جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية، وتوفِّي في عام 2015 م، بعد أن قدَّم الأفكار الكبيرة والأعمال الضخمة التي تُصحِّح للأمة الإسلامية مسارها.
ومن مؤلفاته:
“فلسفة التربية الإسلامية”، و”الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي”، و”رسالة المسجد”، و”صناعة القرار الأمريكي”.