كيف تؤثر في الآخرين؟
كيف تؤثر في الآخرين؟
قد تمكنا سابقًا من معرفة كيف يمكننا التأثير في الصيرورات الفكرية للآخرين، متسببين في تغير الحالة المزاجية لهم بالتأثير في لغة الجسد الخاصة بهم، وإقامة علاقات جيدة في المقابلات، والآن سنتعلم تقنيات أكثر فاعلية للتأثير في الآخرين.
تعتمد وسائل الإعلان عمومًا، والمعلنون على وجه الخصوص، على استخدام تقنيات متنوعة لزرع الأفكار والصور في عقول الناس دون أن يكونوا واعين لهذا التأثير، مما يجعلهم يعتقدون أن الأفكار الجديدة تأتي منهم، فهل تعرف كيف يحدث ذلك؟
إن أي كلمة أو تعبير أو شعور أو صورة تستخدمها عند الحديث مع شخص، ستقوده إلى حالات شعورية وخبرات محددة، وهذا ما يعرفونه جيدًا في وسائل الإعلام التليفزيونية والإذاعية، فيستخدمون كلمات معينة لوضعك في حالة فكرية أو شعورية معينة، وبعدها تُربط هذه الحالة بالمنتج.
ويشكل استخدام التعميمات إحدى السبل الفعّالة للإيحاء باستخدام المعاني المستترة، إذ يعمل التعميم على افتراض يدعي أن كل شيء في فئة معينة يتشابه في سمة محددة، وهناك كلمات شائعة تستخدم بكثرة في مثل هذه الحالة، مثل: “كل”، و”لا أحد”، و”دائمًا”، و”طوال الوقت”، و”أبدًا”، و”في كل مكان”، وغيرها، هذه الطريقة فعّالة للتأثير في آراء الجمهور وتوجيههم إلى التفكير في الاتجاه الذي ترغب فيه، فباستخدام مثل هذه الكلمات، يُخلق انطباع كما لو كان هناك اتفاق واسع، في حين يقتصر العدد الفعلي للأفراد الذين يتفقون على ذلك فعلًا على عدد قليل، ربما لا يتجاوز العشرة أفراد، يشملهم هذا الاتفاق.
ويوجد أسلوب شائع آخر لزرع أفكار جديدة في عقول الأفراد وهو التلاعب بالمفاهيم المجردة، كاستخدام كلمة “لا”، يستند هذا إلى فهمنا الضعيف للمفاهيم المجردة، خصوصًا في الطفولة، على سبيل المثال، إذا كنت تطلب من طفلتك عدم الاستلقاء على الكرسي واستخدمت كلمة “لا”، فإن ذلك يعزز في خيالها فكرة الاستلقاء على الكرسي كلما رأته، لذلك يُفضل تجنب استخدام “لا”، وبدلًا من ذلك يفضل توجيه الشخص بشكل مباشر نحو الفعل المطلوب، وستكون فرصة حصولك على ما تريد أعلى بكثير.
الفكرة من كتاب فن قراءة العقول: كيف نفهم ونؤثر في الآخرين دون أن يلاحظوا ذلك
إن قدرتنا على قراءة العقول تتجلى في حياتنا اليومية، نحن نفعل هذا دومًا من دون أن نُدرك، ولكن كيف يمكن ذلك؟ نقرأ العقول ونحن لا نعرف؟
لكي ندرك قراءة العقل يجب أن ندرك أولًا أن الجسم والعقل مرتبطان معًا بشكل لا تنفصم عراه، فما من خاطرة تجول في ذهنك إلا ولها تأثير مادي في جسدك، فعندما تخاف يجف ريقك، وعندما تخجل تحمر وجنتاك، والعكس بالعكس، فعلى سبيل المثال إذا وقفت لفترة طويلة يجعلك ذلك غاضبًا، ومن ثم تعكس تعبيراتك هذا، مع الضغط على فكك وتجعيد حاجبيك.
وتُنفَّذ النقاط الحاسمة لقراءة العقول عبر لغة الجسد والتواصل غير اللفظي، بمعنى آخر، نحن دائمًا ننقل رسالة مهما كنا غير مدركين لها.
هذا ليس كتابًا حول التخاطر أو التنبؤ بالمستقبل أو أي نوع آخر من ظواهر الإدراك الخارق، إنه كتاب حول التواصل غير اللفظي وكيفية استخدامه لمعرفة الحالات العقلية والعاطفية الحقيقية للآخرين والقدرة على التأثير في هذه الحالات.
مؤلف كتاب فن قراءة العقول: كيف نفهم ونؤثر في الآخرين دون أن يلاحظوا ذلك
هنريك فيكسيوس: كاتب وخبير في علم النفس، وُلد في 29 نوفمبر 1971م في السويد، حاز درجة البكالوريوس في الفلسفة من جامعة ستوكهولم وعمل في مجال الاتصالات والتسويق، يشتهر بأعماله التي تركز على التأثير النفسي والاتصال غير اللفظي وفهم السلوك البشري، كما يُعد خبيرًا في مجال الاتصال والتأثير النفسي، ويقدم ورشًا ومحاضرات في هذه الموضوعات.
من أشهر أعماله كتاب:
“The Art of Social Excellence: How to Make Your Personal and Business Relationships Thrive”
معلومات عن المترجم:
صامويل خيري: ترجم عددًا من الكتب، أهمها كتاب “حياة رائعة: تأملات حول الوصول إلى وجود مفعم بالمعنى” لفرانك مارتيلا.