كرة القدم ضد الاستعمار والاحتلال
كرة القدم ضد الاستعمار والاحتلال
لم تترك كرة القدم الدول التي تحارب الاستعمار دون مساعدتها، ففي الجزائر كوّنت حركة التحرير منتخبًا من أحد عشر لاعبًا هربوا من الدوري الفرنسي لتمثيل الجزائر، والمشاركة في النضال من أجل استقلالها، فطاف منتخب التحرير العالم وخاض مباريات عديدة تحت تهديدات أمنية وتلويحٍ بتوقيع الفيفا عقوبات رياضية، ورغم ذلك ألهب منتخب التحرير حماس الجماهير الجزائرية التي كانت تخوض اشتباكات مسلحة ضد قوات المستعمر الفرنسي على هامش المباريات، واستمر تراكم الجهود لتنال الجزائر الاستقلال في عام 1962م، واعتراف الفيفا بها عضوًا نشطًا.
ومن الجزائر إلى فلسطين المحتلة، التي تعاني عدة عقبات أخرى كالتشرذم الجغرافي وتعدد السلطات وقيود الاحتلال، ولذلك كانت كرة القدم وسيلة لتوحيد غزة والضفة ونقل القضية الفلسطينية خارج حدود البلاد، فلعب مباراة كرة قدم يعني اعترافًا بوجود فلسطين، وهكذا خاضت فلسطين أول مباراة كرة قدم مع الأردن بعد معاناة كبيرة عام 2008م، سبقها وتبعها سنوات من قمع الرياضيين، وتضييق مساحة الحرية الرياضية المتزامنة مع الانتفاضات والاضطرابات، وما زال وضع المنتخب الفلسطيني متأزمًا لدرجة أنه أحيانًا لا يستطيع جمع فريق كامل للعب المباراة، ولكن ذلك لم يمنع جماهير كرة القدم من الحلم والاستمتاع بإنشاء كأس عالم على أراضيها بديلًا من عدم مشاركتهم في مونديال جنوب إفريقيا.
بمناسبة حديثنا عن جنوب إفريقيا، فقد عانت هي أيضًا الاستعمار بجانب عدة دول إفريقية أخرى في عقود القرن الماضي، وكانت سلطات الاستعمار تنظر إلى كرة القدم باعتبارها أداة لتهذيب السكان الأصليين وتسهيل انقيادهم، بالإضافة إلى خوفهم تأثير الأندية المحلية خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية وضعف المستعمرات، وعندما رحلت عن البلاد حلّت نظم ديكتاتورية بدلًا منها، واستمرت كرة القدم في مقاومة القمع وسياسات الفصل العنصري حتى انهارت كل القيود القديمة، وتوجت تلك المجهودات استضافة جنوب إفريقيا لكأس العالم عام 2010م.
الفكرة من كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
يصف عشاق الساحرة المستديرة محبوبتهم بأنها أكثر من كرة قدم، ودائمًا ما يُستخف برأيهم وبمقدار الاهتمام الذي يولونه تجاه جلد مدور، طارحين السؤال التقليدي “ماذا قدمت كرة القدم إلى العالم؟”.
وللإجابة عن هذا السؤال سنجوب حكايات التاريخ المختلفة، من بريطانيا إلى إيطاليا وحتى مصر، لنرى كيف كانت كرة القدم تمنح الناس هامشًا للتنفس بحرية تحت حكم ديكتاتوريات عسكرية، ونعرف ماذا يمكن أن تفعل الجماهير العاجزة في المدرجات، وإلى أي حد كانت كرة القدم تسمح لهم بالحلم بحياة أفضل.
مؤلف كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
ميكائيل كوريا: صحفي في أهم جريدة رقمية فرنسية مستقلة “ميديا بارت mediapart”، وله عديد من الإسهامات الصحفية مع جرائد أخرى مهمة مثل: “لوموند ديبلوماتيك” و”لوكانار أونشينيه”، بالإضافة إلى كونه أحد مؤسسي مجلة النقد الاجتماعي CQFD، ومن كتبه:
– جرائم المناخ: تحقيق حول الشركات متعددة الجنسية التي تحرق كوكبنا.
معلومات عن المترجم:
محمد عبد الفتاح السباعي: رئيس قسم الشؤون الخارجية بجريدة الأخبار اليومية، كما أنه يعمل مترجمًا فوريًّا في عديد من القنوات الرياضية المصرية، وقد عمل مراسلًا رياضيًّا في كأس الأمم الإفريقية عام 2008م، ومن كتبه المترجمة من الفرنسية إلى العربية:
لوثر ومحمد: بروتستانتية أوروبا الغربية في مواجهة الإسلام من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر.
عنف وسياسة في الشرق الأوسط، من سايكس بيكو إلى الربيع العربي.