قطتك المظلومة
قطتك المظلومة
تعرضت قطتك العاطفية لظلم كبير، فتاريخها مليء بكثير من سوء الفهم وإساءة الظن والاتهامات الباطلة، إذ إنك قد بنيت مخزونك الشعوري في الطفولة على ذاكرة انطباعية غير واقعية تقوم على حدس تحكمه الانطباعات الحسية، ورغم الكبر وتطور القدرات العقلية لديك تظل الذاكرة غير دقيقة، فرغم نضجك العقلي يظل تقييمك المعرفي للمواقف مجرد تخمين يغلب عليه الظن، ترى الأحداث من زاوية محدودة ولا تراها على حقيقتها، تراها بعين الخبرات السابقة والتحيزات المعرفية والقناعات المنصرمة.
مهما كبرنا نظل نرى الحياة من زاويتنا، ونعتمد فيها على تحيزات شخصية ونحاول فقط اتخاذ رد فعل مناسب لحماية أنفسنا، فنقع لا محالة في فخ سوء التفاهم خلال المواقف والنقاشات، وهكذا يبدأ تشكل قطتك بذاكرة شعورية انطباعية تخمينية تقوم على تقييم معرفي ذاتي متعجل غارق في التحيزات، ومن ثم لا تُتاح لقطتك أي فرصة للاستقرار والخلو من الاضطرابات، فمن الطبيعي أن تجدها مشوشة محتارة، فهي في النهاية صنيعتك وليست عدوك، وضحية تفكيرك المتعجل وقدراتك المعرفية المشوهة.
ويصعب تغيير القطة العاطفية مهما فهمنا، فذاكرتنا الشعورية لا تتأثر بالذاكرة المعرفية، وإن سقطت التفاصيل والوقائع القديمة فلا تسقط الخبرات الشعورية، حتى إن لم تتذكر كيف حدث الأمر فستظل متذكرًا شعورك حياله، وستلجأ إلى التلفيق لسد الثغرات في الذاكرة، لذلك فمغامرة ترويض قطتك محفوفة بالصعوبات، سواء في جانب الذاكرة المنسية وفي مواجهة المشاعر المؤلمة وما تسببه داخلنا من مقاومة عنيفة ضد محاولات التذكر.
الفكرة من كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
لغة المشاعر هي أعلى اللغات أميةً في العالم، وهي لغة نتوارثها وتستقر داخلنا ويمكن أن نكبر دون تعلُّمها، وربما نتحدث بلسان مشوه خادع لا يكفي للتعبير عنها، أو تمييزها في أنفسنا وفهمها، فنلجأ إلى تجنبها، ومن ثم تتحول إلى مشكلة كبيرة داخلنا، أشبه بقطة شرسة تحاول تحطيم كل شيء في الداخل.
يأخذنا هذا الكتاب لنتعلم التعامل مع القطة العاطفية، وللاطلاع على طبيعتها وقصتها، لنعرف سبب شراستها، ثم نعرف طريقة ترويضها والعلاج من داء تجنبنا لمشاعرنا.
مؤلف كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
د. يَحيى موسى: مؤلف وباحث في مجال علم النفس، درس بكلية الطب جامعة بنها، ويعمل حاليًّا طبيبًا نفسيًّا.
من مؤلفاته:
ما وجدنا عليه آباءنا.
رغم أنف الذكريات.