خلف الأبواب المُغلقة
خلف الأبواب المُغلقة
إن أطفال اليوم يقضون أغلب طفولتهم في منازلهم مع هواتفهم الذكية، مما يجعلهم يتعرضون لتدهور يؤثر في نموهم النفسي والجسدي، فعلى عكس ما كان يحدث خلال الثلاثين عامًا الماضية -عندما كان للأطفال حرية اللعب في الخارج والاعتماد على أنفسهم في طريقة تمضية الوقت مع أقرانهم- الآن باتوا محبوسين في منازلهم ولا يُسمح لهم بمغادرتها دون شخص بالغ، ولصعوبة إيجاد دراسة تبين آثار هذه القيود التي صارت تُوضع على الأطفال، إذ لا يمكن أن نأخذ مجموعة عشوائية من الأطفال ونضعهم في بيئة يعيشون فيها “حياة حرة”، ومجموعة أخرى يمضون وقتهم “خلف أبواب مغلقة” ومن ثم نقارن فرق التركيز بينهما، استعان الكاتب بالناشطة “لينور شينازي” التي تعمل على وضع مقترحات عملية للسبب المؤثر في ازدياد ضعف تركيز أطفالنا، وقد توصلت إلى أربعة مكونات تسبب هذا التدهور.
أولها منع الأطفال من ممارسة حريتهم دون رقابة خوفًا عليهم من الإصابة أو التعرض للاختطاف أو القتل في أثناء تجولهم بمفردهم، رغم أننا نعيش في أكثر الفترات أمانًا في تاريخ البشرية، والمكون الثاني هو حرمان الأطفال من اللعب الحر، والواقع أن لعب الأطفال ليس أمرًا ثانويًّا، بل هو أمر أساسي في تشكيل طفولتهم، فهم يتعلمون خلاله فهم المشكلات وكيفية حلها، وكيف يتفاعلون مع الآخرين، بالإضافة إلى تعلمهم مُعايشة الفرح والمسرّة، هذه الفوائد لا تحصل حينما نصطحبهم إلى مكان للعب ونضع لهم الشروط التي ينبغي اتباعها، فالفائدة تحصل حينما نُعطي للأطفال حرية اختيار ماذا يلعبون ويضعون بأنفسهم الشروط، وأما المكون الثالث فهو القلق الذي يُصيب الأطفال والمراهقين نتيجة غياب المكون الثاني
وقد ثبت بالأدلة العلمية أن القلق يؤثر بشكل كبير في الانتباه، والمكون الأخير هو غياب الدوافع الحقيقية إلى التركيز، إن تعلم التركيز يتوقف على اهتمامك بالأمر الذي تريد فعله مما يجعل العقل مُنتبهًا لما يجري، وقد حرص التعليم في فنلندا على تجنب هذه الأمور التي تُؤثر في التركيز، إذ يتعين على المعلمين أن يتيحوا للتلاميذ 15 دقيقة من اللعب الحر مقابل 40 دقيقة من التعلم، مما جعلهم من أفضل الناس تعليمًا حول العالم وأكثرهم سعادة
الفكرة من كتاب تركيزنا المسلوب.. لماذا صرنا نعاني مشكلة قلة الانتباه؟
يعتقد أغلبنا أن مشكلة قلة الانتباه بدأت مع ظهور شركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن استعادة انتباهنا مشكلة فردية علينا التغلب عليها بالبحث في الكتب التي تتناول موضوعات تحسين التركيز وتقوية الإرادة، والحقيقة أن لهذه المشكلة جذورًا عميقة ينبغي معرفتها حتى نتمكن من إيجاد حل يدوم على المدى البعيد، ولهذا بدأ الكاتب رحلته في هذا الكتاب لتعريفنا القوى العميقة التي تعمل على الإضرار بانتباهنا، وذكر الحلول الفردية والمجتمعية التي تساعد على حلها.
مؤلف كتاب تركيزنا المسلوب.. لماذا صرنا نعاني مشكلة قلة الانتباه؟
يوهان هاري: صحفي وكاتب بريطاني سويسري، كتب لعديد من الجرائد والصحف العالمية مثل: “نيويورك تايمز” و”لوس أنجلوس تايمز”، ويتحدَّث بصورة منتظمة في أشهر البرامج الحوارية، كما حصل على عديد من الجوائز مثل: “صحفي الجريدة لمدة عامين من منظمة Amnesty”، ولديه عديد من الكتب التي تدور حول موضوعات الاكتئاب، والحرب على المخدرات، والنظام الملكي، وقدم أيضًا عديدًا من المحادثات حول مواضيع الإدمان، والاكتئاب والقلق على منصة TED. حققت أعماله أفضل المبيعات على مستوى العالم
وترجمت كتبه إلى ثمانٍ وثلاثين لغة، كما تحول كتابه الأول “ملاحقة الصرخة” إلى فيلم رُشح لجائزة الأوسكار، ووُضع كتابه الثاني “إخفاق التواصل” على قائمتي ساندي تايمز ونيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا، بالإضافة إلى تقديمه لقاء عن الإدمان والاكتئاب في TED Talks، شُوهد أكثر من 80 مليون مرة.
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري مقيم في بلغاريا، حاز إجازة جامعية في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، كانت بدايات عمله في الترجمة في سنة 1991، ترجم عديدًا من الكتب الإنجليزية المشهورة مثل: كتاب “فن اللامبالاة” لمارك مانسون، ورواية “1984” لجورج أورويل، وكتاب “سنة 501 الغزو مستمر” لنعوم تشومسكي.