توجيه العقول في بُعد جديد
توجيه العقول في بُعد جديد
كثيرًا ما كانت طبائع الاستبداد واستعباد الشعوب هي قانون الحكومات الأول عبر الأزمنة المختلفة، وإلى اليوم ما زالت تلك الطبائع مستمرة عبر إخضاع أغلبية البشر وقهرهم، ولكن ورغم تجذُّر تلك الظاهرة فإنها اختلفت في وسائلها وطرقها تبعًا لاختلاف الزمان والمكان، فلسنوات عدة كان الإكراه البدني هو الأسلوب المتبع من قبل الإمبراطوريات والحكومات في قهر الشعوب واستعبادهم، ومع دخول العالم عصر السوق الحرة والثورة الصناعية أضحت الوظيفة هي العبودية الجديدة، بيد أن الأمر الآن ترقَّى وأخذ شكلًا آخر تمثَّل في تغييب وعي الشعوب، فاللص العادي إنما يسرق الأموال فقط، أما شيخ القبيلة فيسرق الوعي! فرغم أن الوسائل اختلفت فإنها تُفضي إلى غاية واحدة في النهاية ألا وهي استقطاب العقول وهندستها من جديد.
ومن أبرز الحقائق المشاهدة للتحكم في الوعي وتوجيه الإدراك، هذا المجهود الضخم الذي تمارسه شركات كبرى عديدة عبر أبواق الإعلام لخلق حالة من القبول الشعبي بأهداف وقيم الاقتصاد السلعي، والشركات الكبرى كي تنجح في ذلك يجب أن تكون قد امتلكت القدرة على خلق أشكال جديدة من التوجيه ورسم حدود الواقع الجديد، وهذا هو مفتاح السيطرة الاجتماعية.
وعلاوة على ذلك فالمبادئ والأفكار الجديدة يتم زرعها داخل عقل الجمهور، وبصورة متكررة باستمرار لتتم ترجمتها بصورة أو بأخرى لأوضاع وعلاقات اجتماعية جديدة، ورغم هذا التخطيط المحكم فإن هناك بعض الانشقاقات والثقافات المضادة والصراعات الطبقية بدأت بالظهور على السطح، وهذا هو المأزق المتفاقم الذي يواجهه مديرو أجهزة الإعلام في عملية توجيه العقول وهندستها.
الفكرة من كتاب المتلاعبون بالعقول
التلاعب بالعقول وصناعة الوعي المضلل، ذاك الذي يخدِّر الضحية قبل ذبحها، بل ويجعلها تستمتع بهذا العذاب، من هنا يتحدث هذا الكتاب عن حقيقة الحرية الإعلامية في بلاد العالم المختلفة خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية، ويبرز حقيقة وقوع أجهزة الإعلام تحت سيطرة الشركات الاقتصادية الكبرى، وأن هذه الشركات توظِّف أجهزتها الإعلامية لتوجيه عقول مشاهديها لتحقيق مصالحها الخاصة حتى لو تضاربت مع مصالح الجماهير الشخصية.
مؤلف كتاب المتلاعبون بالعقول
هربرت شيللر Herbert Schiller: عالم اجتماع ومؤلف وناقد وباحث، (ولد في الـ5 من نوفمبر عام 1919، وتوفي في الـ29 من يناير 2000)، حصل على الدكتوراه من جامعة نيويورك عام 1960، وكان أستاذ مادة “وسائل الاتصال” بجامعة كاليفورنيا، بسان دييجو، وعمل قبل ذلك أستاذًا بمعهد برات ببروكلين، بنيويورك، وجامعتي إلينوي وأمستردام.
أصدر الكثير من الكتب التي كان لها أثر كبير في تغيير الكثير من العقول، منها:
ما بعد السيادة الوطنية.
العيش في البلد رقم واحد.
المعلومات واقتصاديات الأزمة.
الاتصال العام والإمبراطورية الأمريكية.